أحكام التعامل التقويمي الاجرائي مع الاحداث الجانحين (دراسة مقارنة)
Abstract
يتمتع الحدث الجانح اليوم بوضع خاص ضمن أحكام التجريم والعقاب في ظل السياسة الجنائية المعاصرة، إذ أن القواعد التي تحكم مسؤولية الأحداث الجنائية قواعد تقويمية خاصة تختلف عن تلك التي تحدد مسؤولية البالغين الجزائية، لأن سلوكهم المنحرف يرجع الى ظروف البيئة والمجتمع لا إلى عوامل اجرامية ولدت وتأصلت في نفوسهم، كما أن الهدف الرئيس من المعاملة الجزائية للأحداث الجانحين يكمن في اصلاحهم وتقويم سلوكهم لإعادة اندماجهم في المجتمع، ولا يتم ذلك إلا بإلغاء مؤسسة العقاب من تشريعات الأحداث.
فقد أصبح من الثابت علمياً أن وسائل العقاب والتعنيف لاتجدي عنفا في معالجة جنوح الأحداث، بل أنها تزيد من حدتها، ولتفادي ذلك عمدت القوانين الحديثة في مواجهة جنوح الأحداث الى معاملة خاصة على ضوء سياسة اجتماعية تهدف إلى توافر الرعاية والاصلاح لهم، وذلك عن طريق فرض تدابير تقويمية علاجية تلائم حالة كل حدث على حدة .
وإلى جانب التدابير التقويمية العلاجية المقررة للأحداث الجانحين، فأن اجراءات الملاحقة والتحقيق والمحاكمة وتنفيذ التدابير المذكورة، يجب أن تكون متلائمة مع هدف تلك التدبير المقررة لمعالجة الأحداث الجانحين وبصورة تختلف عما هو مقرر للمجرمين للبالغين من عقوبات، وذلك لضمان فاعليتها في تقويم سلوك الحدث وتأهيله للحد من الجنوح.
إذن ؛ يتطلب ضمان نجاح عملية الإصلاح والتقويم للحد من الجنوح، أن يتم الاهتمام بوسائل العلاج والتقويم من قبل المشرع من خلال مواكبة الأنظمة الحديثة في مجال التدابير التقويمية، فضلاً عن الواقع التنفيذي الذي يتطلب أن يتم التركيز بدقة على حالة الحدث الجانح وشخصيته بصرف النظر عن جسامة أو تفاهة الجريمة المنسوبة اليه، فيتعين على الجهات المعنية الاهتمام بتنفيذ الإجراءات التي تسبق ايقاع التدابير التقويمية والتعامل التقويمي مع الحدث الجانح، ودراسة حالته دراسة شاملة حتى تتم الإحاطة بالظروف الاجتماعية التي يخضع لها من الخارج والعوامل النفسية التي تتصارع في نفسه من الداخل، ليتسنى لمحكمة الأحداث تحديد التدبير التقويمي العلاجي الملائم لحالته.
https://drive.google.com/file/d/1KH-X2sHXdF7iwFS5PLFR_C1VD2xmkXN0/view?usp=drive_link